الثلاثاء، 14 يونيو 2016

الحاجة إلى بالشّعور بالتّقدير والاحترام والقبول من الآخرين


إنّ كل إنسان يحب أن يشعر بالقبول والاحترام من الآخرين ، وإلاّ فإنه يشعر أنه منبوذ ولا مكان له بينهم ، والطّفل يحتاج إلى هذا الشعور وبصورة كبيرة جداً حتى ينمو في حالة مستقرة ومتوازنة.
والطّفل ينظر إلى نفسه من خلال عيون والديه أوّلاً ومن خلال عيون مربيه ثانياً ، فإذا أشعرناه أنه محترم ومقبول فإنه يعيش بهذا الشعور ، وإذا حرمناه ذلك وجعلناه يشعر - وإن كان بدون قصد منا - بالدونية وعدم القبول فإنه يرى نفسه هكذا. وهذا مكمن خطورة احتقار الطفل وإظهار عدم احترامه.
   ولقد رسم لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أروع النّماذج في احترام وتقدير الأطفال وعدم انتقاص قدرهم ومكانتهم ، فقد أخرج البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم- أتي بشَراب فشرب منه ، وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ ، فقال للغلام:أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال الغلام : لا والله يا رسول الله ، لا أُوْثِر بنصيي منك أحداً ، فَتَلَّه - أي وضعه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده.
فانْظر أخي المربي وتأمل هذه القصة ، ولك أنْ تعجب كيف يستأذن الرسول القائد العظيم - صلى الله عليه وسلم - طفلاً صغيراً ، بل ويقدّمه على أشياخ الصحابة ، والأشدّ عجباً كيف جلس هذا الغلام الصغير في ذلك المجلس العظيم الذي فيه كبار وعظماء الصحابة ، بل كيف استطاع أن يكون بجوار الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل الأعجب أنه كان على يمينه ، إنّ ذلك كله يشير إلى عظمة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في توقير الأطفال واحترامهم ، وعدم ازدرائهم ، ويدل أيضاً على أنّ هذا الاحترام والتّقدير أمر مألوف في مجتمع الصحابة ، لذلك لم يكن مستغرباً أن يجلس هذا الغلام الصغير في ذلك المجلس الوقور ، لا كما نفعله في مجالسنا حيث يستحيل أن يتقدّم الطفل في مجلس الكبار ، بل أحياناً لا نسمح له بمجرد الجلوس في مجلس فيه رجال كبار ، فضلاً أنْ يكون قريباً من صدر المجلس ، ولا شكّ أنّ هذا التعامل سيضعف لدى هذا الطفل الشعور بالتقدير والاحترام والقبول من الآخرين.
وإليك أخي المربي بعض الوسائل التي تحقق هذه الحاجة للطفل:

1-  المدح والثناء وذكر حسنات الطفل والتركيز على إيجابياته والإشادة بها أمام الآخرين ، ممّا يجعل الطفل يشعر بقبوله واحترامه من الآخرين.
2-  قبول قدرات الطفل وإمكاناته كما هي مع محاولة التطوير : ممّا ينبغي للآباء والمربين مراعاته أن لكلّ طفل قدراته وطاقاته وإمكاناته التي منحه الله إياها ، فلا بدّ أن نقبلها منه ونرضى بها ونمدحها ثم نسعى إلى تطويرها وتحسينها.
3-   الكُنْية : إنّ التّكْنية عند العرب تعبير عن الاحترام والإجلال و التقدير، فمن المستحسن أن تختار كنية جميلة لطفلك بعد أن تتشاور معه في ذلك ، فقد كان المصطفى - صلى الله عليه و سلم - يكنّي الأطفال ، فكان يقول لأحد أطفال الصحابة :"يا أبا عُمير، ما فعل النُّغَيْر ؟"والحديث رواه الشيخان.
4-   ترك كثرة النّقد والتّأنيب :فإنّ الإكثار من ذلك يورث الشّعور بعدم القبول ، والنّقد مطلوب ولكنْ بقدر مناسب دون مبالغة ، وانظر إلى رسولنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - وقد خدمه أنس – رضي الله عنه – وهو صبي صغير ابن عشر سنين فلم يكْثر من لومه وعتابه وانتقاده ، ويصف ذلك أنس رضي الله عنه فيقول :" فما كان يقول لي لشيء فعلته لم فعلته ، ولا لشيء لم أفعله لِمَمْ أفعله"رواه الشيخان.
5-  ترك الإهانة و التّحقير : خاصةً أمام الآخرين من إخوانه أو أصدقائه أو أقاربه،وفي الواقع إنّ أسلوب الإهانة والتحقير لا يمتّ إلى تعاليم الإسلام بصلة ، بل إنّ ذلك ليس من الخلق الإنساني في شيء ، فلا يليق بالمربين سواءً الآباء والأمهات أو المعلمين والمعلمات أن يُهينوا أو يحْتقروا الأطفال مهما كان السبب ، وهذا الأسلوب أسلوب مقيت ، يُوْرث الشّعور بالاحتقار وعدم القبول من الآخرين.
6-  ترك مقارنة الطفل بالآخرين : إنّ رسم النماذج الإيجابية والصّور المشرقة للطفل ومطالبته بالاقتداء بها أمر محمود ، لكن بشرط ألاّ تكون بصورة الانتقاص من ذات الطفل. وينبغي أنْ نبتعد قدر المستطاع عن مقارنة الطفل بالآخرين من إخوانه أو زملائه وأصدقائه وأقاربه ، لأنّ ذلك قد يشعره بالنقص وكذلك قد يشعره بالكراهية لمن نقارنه بهم ، فالأَوْلى أنْ نذكر للطّفل الصفات الإيجابية التي نريده أن يتحلى بها وأن نذْكر له قدوات من حياة السابقين من أبناء الصحابة أو غيرهم ، وأنْ نبتعد عن مقارنته بالآخرين.
فإذا وفَّرْنا للطفل المعاملة المليئة بالاحترام والتقدير فإنّ ذلك له دورٌ كبيرٌ في استقرار نفسيّته وشخصيته في مستقبل حياته ، أمّا حرمان الطفل من الشّعور بالقبول والاحترام ممن حوله فإن ذلك له آثار سلبية كثيرة منها:
1-   ضعف الشّخصية وضعف القدرة على إبداء رأيه.
2-   ضعف الثّقة بالنّفس والشّعور بالدّونية.
3-   الشّعور بالحقد والكراهية للآخرين ، لأنّ مَن حوله جعله يشعر أنّ المجتمع لا يتقبله ولا يحترمه.
4-   ضعف القدرة على إقامة علاقات اجتماعية ناجحة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق