الخميس، 20 أغسطس 2015

أبناؤنا و الخوف من المدرسة

((أبناؤنا وعام دراسي جديد))

** معاناة الأسر مع أبنائهم :
مع إشراقة شمس كل عام أو فصل دراسي جديد نعيش عودة أبنائنا الطلاب والطالبات إلى المدارس والجامعات وكذلك دخول المستجدين إلى الصفوف الأولى من المدارس أو المراحل التمهيدية منها،
 ومع ما تتضمنه هذه الفترة من عناء التجهيزات النفسية والمادية التي تقوم بها الأسر لأبنائها وكذلك إعادة تنظيم أوقاتهم الخاصة بالأكل والنوم والزيارات وغيرها تعيش بعض الأسر هاجساً آخراً وهو رفض بعض الأبناء الذهاب إلى المدرسة سواء المستجدين منهم أو من قد تجاوزوا بعض المراحل الدراسية... ولعلي أذكر بعض النماذج التي شاهدتها في عيادتي النفسية للأطفال، والتي تترد في الذهاب للمدرسة بصورة متكررة مع بداية كل عام أو فصل دراسي جديد، ومنها الطفلة (ش) التي رفضت الذهاب إلى الروضة تماما، وكانت تصاب بآلام شديدة، ونوبات بكاء مستمرة،،،،، ومثال آخرلطالبة في المرحلة الإبتدائية رفضت تماما الذهاب إلى مدرستها فاضطرت أمها الموظفة إلى أخذ إجازة استثنائية لمدة عام لتذهب يوميا إلى المرسة مع ابنتها التي رفضت الذهاب إلى المدرسة مرة أخرى مع بداية السنة الثانية، وبعد انتهاء إجازة والدتها،،،، ونموذج آخر لطالبة كانت متفوقة في نهاية المرحلة الابتدائية، وحين دخولها المرحلة المتوسطة رفضت مواصلة الدراسة تماما....
***المراحل الدراسية التي يظهر فيها الخوف من المدرسة:
الخوف من المدرسة ورفض الذهاب إليها لا يقتصر على الطلاب والطالبات المستجدين والمستجدات كما يظن البعض، ولكنه قد يصيب الطلاب والطالبات في أي مرحلة من المراحل الدراسية، لاسيما من ينتقل من مرحلة إلى مرحلة دراسية أخرى، أو في حال تغيير المدرسة أو الزملاء أو المعلمين، أو المناهج، أو عند تغير الأجواء الدراسية، ومن هذا الخوف ما هو طبيعي ومنه ما يكون عائداً لشخصيات بعض الطلاب وصعوبة تكيفهم مع الأحداث والمتغيرات الجديدة، أو لمواقف معينة يواجهها الطالب، وهذا ما لا يستمر مع الطالب طيلة السنة الدراسية...
**أسباب الخوف من المدرسة لدى بعض الطلاب والطالبات:
قد يتساءل البعض عن الأسباب التي لابد للوالدين والمعلمين والمعلمات من التأكد منها قبل التدخل لعلاج هذه المشكلة فقد يكون ضعف أو انعدام الإعداد للمرحلة الدراسية من قبل الوالدين، وبالتالي يفاجأ الطالب بجو جديد وعالم مختلف، ويحتاج إلى وقت طويل حتى يتكيف مع جو المدرسة فيحدث الرفض، كما أنه قد يكون من الأسباب التعرض لمواقف نفسية مؤلمة في بداية الحياة الدراسية، كضرب معلم لطالب، أو عنف في طريقة التدريس، وبالتالي يصبح لدى الطالب ما يسمى بالاشتراط النفسي، وهو ربط المدرسة بهذا السلوك وبمشاعر الخوف والقلق والتوتر، إلى جانب احتمالية وجود سمات شخصية قلقة وحساسة لدى الطالب سواء مكتسبة أو وراثية، لا تساعده على التأقلم أو التعايش مع أجواء المرحلة الدراسية، كالشخصيات القلقة التي تتصف بالحساسية المفرطة، وتضخيم مواقف الخوف والارتباك والإحراج، ومن الأسباب أيضاً ما قد يعود إلى وجود نوع من اضطرابات أو صعوبات التعلم لدى الطالب، فيشعر الطالب بعدم قدرته على مواكبة زملائه في مادة ما، أو عدم قدرته على التحصيل الدراسي كأقرانه، وربما تأزمت المشكلة وشكلت لديه أزمة نفسية، ومن الأسباب أيضاً بعض السلوكيات الخاطئة التي قد يقوم بها الأبوان بطبيعة شخصياتهم كالإكثار من ربط المدرسة بالمواقف السلبية، أو ما يسمى بالتربية الاعتمادية، وهي عدم السماح للطفل بالاعتماد على نفسه، وبالتالي يشعر بالاعتماد الكلي على والديه، وعدم القدرة على الاستقلال كما تتطلبه مراحل الدراسة...
ومن الأسباب كذلك حدوث نوع من الاعتداءات الجسدية أو التحرشات الجنسية على الطالب في المدرسة من بعض الطلاب أو من السائقين، أو غيرهم... وبالتالي لا يجيد الطالب كيفية التعامل مع هذا الاعتداء إلا برفض الذهاب إلى المدرسة، وأشدد هاهنا على ضرورة توعية وتوجيه الطفل بضرورة الحديث مع أحد والديه أو معلميه عند حدوث مثل هذه المواقف، والتأكد من عدم حيلولة مثلها دون رغبته في الذهاب إلى المدرسة.
**الأعراض التي تظهر لدى الطالب الذي يخاف ويرفض الذهاب إلى المدرسة:
فيما يتعلق بالأعراض التي تظهر مع مشكلة رفض الطالب الذهاب إلى المدرسة فهي كثيرة ومنها إصابته بصداع أو مغص، أو غثيان وفقدان للشهية، وتوتر وعصبية، وبكاء، وحين ملاحظة اختفاء هذه الأعراض في أوقات الإجازات أو عند السماح للطفل بالغياب مثلا... فإن ذلك يعني ضرورة البحث عن السبب الحقيقي وراء عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة.
**علاج مشكلة الخوف من المدرسة وكيفية التعامل مع الطالب أو الطالبة عند رفضه الذهاب إلى المدرسة:
أما السبل العلاجية والسلوكية لعلاج هذه المشكلة فتتم من خلال محاولة معرفة سبب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة أولا، ومن ثم تبدأ الخطة العلاجية حين معرفة السبب، مع ضرورة اشتراك وتعاون الأسرة والمدرسة في ذلك، وفي حال التأزم يأتي دور العلاج النفسي، ومن ثم تكون خطة العلاج من خلال علاج مصدر الخوف-إذا استطعنا التعرف عليه- وكذلك باتباع أحد أساليب العلاج السلوكي وهو (الغمر) ويتم من خلاله وضع الطالب أمام الأمر الواقع، أو بطريقة التعريض المتدرج، وذلك بتركه في المدرسة في البداية لمدة زمنية قصيرة (ثلاث حصص مثلا)، وبعد عدة أيام يتم زيادة عدد الحصص، حتى تبدأ حالة الخوف في التضاؤل التدريجي، مع ربط كل ذلك ببرنامج من التحفيز المادي والمعنوي المقنن المتتابع عند التزامه بالبرنامج أو حرمانه من بعض الامتيازات عند عدم التزامه بتفاصيل البرنامج السلوكي..
كما أن من أهم وأقوى أساليب العلاج  عدم استسلام الوالدين لخوف الطالب أوالاستجابة لرغبته في عدم الذهاب، بتركه أسبوعاً أو أكثر، فهذه من السلوكيات التي قد تفاقم المشكلة، وبالمقابل فإن التعامل بشدة وبعنف وقسوة قد يخلق مشاكل نفسية تتطلب علاجا نفسيا آخر،،،،،
وختاماً فقد يحتاج الأمر عرض الحالة على الطبيب النفسي أو المعالج السلوكي حين تأزم الأمور وعدم القدرة على النجاح بأساليب العلاج المذكورة آنفا....
__________________
د. موسى بن أحمد آل زعلة
استشاري الطب النفسي للأطفال 
كلية الطب - جامعة جازان
 المملكة العربية السعودية

هناك 5 تعليقات:

  1. والله هذه المشكلة جتني في أول ابتدائي وعالجها الشايب الله يعطيه العافية ضربني بخيزرانة وبعدها الحمدلله استمريت في الدراسة حتى خلصت الجامعة واليوم أنا معلم خدمتي 28 سنة .

    ردحذف
    الردود
    1. أتصور أن والدك أوجد لك مشكلة أكبر من مشكلتك التي تكمن في عدم الرغبة في الذهاب للمدرسة.فاصبحت أمام مشكلتين فانت بالطبيعة ستختار أقل المشكلتين خطراً وهي الذهاب للمدرسة.

      حذف
    2. اقدى الله يرحمه

      حذف
  2. رحمه الله وقدكانت عبارة لكم اللحم ولنا العظم للمعلمين خير عﻻج لدى الشيبان

    ردحذف
  3. الله يجزاك خير موضوع رائع ويستحق النشر

    ردحذف