الأحد، 1 مايو 2016

فهم ومعرفة العوامل المؤثرة في نمو الطفل



إنّ فهم نمو الطفل ومعرفة العوامل التي تؤثر فيه من أهم المفاتيح التي تساعد المربّين على حسن التعامل معه ، وهناك عاملان مهمان لابد للمربّين أن يكونوا على درجة عالية  من المعرفة بهما و الاطلاع عليهما ومراعاتهما عند تقييم سلوك الطفل أو التعامل معه ، وهذان العاملان هما:


أ‌)      النضج والنمو الطبيعي للطفل:

فالطّفل في نمو وتطور متدرّج ومستمر بصورة سريعة ، ولكلّ مرحلة زمنية يمرّ بها الطفل ما يخصّها من خصائص وعلامات ، والتي تشمل جميع مجالات النّمو لدى الطفل مثل : النمو الحركي و الجسدي ، والنمو الاجتماعي ، والسلوكي ، والانفعالي وغيرها...

فهناك مرحلة من عمر الطفل يكثر فيها الخوف مثلاً ، وعند مرحلة معينة يكون صعباً على الطفل أن ينفصل عن أمه دون قلق ، وكذلك فإن الطفل في مرحلة معينة يبدأ في التمييز بين وجه أمه و وجوه الآخرين من خارج العائلة فتصيبه وحشة وخوف عندما يداعبه شخص غريب مثلاً ، وكذلك إذا استمر الطفل في عدم تحكمه في إخراج البول فإننا لا نعتبره حالة مرضية إلاّ إذا كان الطفل قد وصل إلى عمر خمس سنوات ، ومن الأخطاء التي تصدر من الأمهات لعدم  معرفتهم بخصائص نمو الطفل  كثرةُ زجر الطفل عندما يضع يده أو الأشياء التي يتناولها في فمه ، وذلك عندما يكون في السنة الأولى من عمره ، وهذه المرحلة تسمى المرحلة الفمية (الصحيح الفموية لأنّ النسبة للفم نعيده إلى أصله فموٌ) والتي يستخدم فيها الطفل فمه ليتعرف على الأشياء ويستمتع بها ، فمن الخطأ زجره عن شيء هو من طبيعته في هذه الفترة الزمنية من عمره ، بل المطلوب في مثل هذه الحالة أن نتركه يمارس هذا الأمر بلا زجر ، وإنما نلاحظه من بعيد حتى لا يؤذي نفسه بشيء مؤلم يضعه في فمه.

الحديث عن تفاصيل المراحل العمرية والتغيرات التي تحدث في كل مرحلة أمر يطول ويصعب في هذا المقام ، لذا فإنه على كل مربٍّ - خاصة الآباء والأمهات - أن يطالعوا المراجع التي تتحدّث عن علم نفس النمو حتى يفهموا أبناءهم بصورة جيدة ، ويفهموا لماذا تصدر مثل هذه التصرفات من هذا الطفل في مثل هذه المرحلة العمرية.

   إدراك النمو وتطوره في المراحل العمرية المختلفة يحقّق عدداَ من الفوائد والثمار منها :

1-   يساعد الآباء – والمربين عموماً – على تفهّم سلوك الطفل وتفسيره بصورة جيدة.

2-  مراعاة قدرات الطفل وذلك حسب كل مرحلة عمرية ، وبالتالي تكليفه بما يطيق ويستطيع في كل مرحلة ، فمن الخطأ أن نطلب من الطفل أن يتقن بعض الأمور بينما استعداده الذهني والعضلي لم يتم بعد ولا يتناسب مع القيام بما نريده في المرحلة الحالية.

3-  تخفيف التّوتّر الذي يصيب بعض الآباء عند ظهور تغيّرات سلوكية معيّنة مرتبطة بالمرحلة التي يمرّ بها الطفل ، فإذا كان الآباء على إدراك لهذا الأمر فهذا يزيل عنهم التّوتّر والارتباك.
 
 

ب‌)  اكتساب السلوك بالتعلم و الملاحظة.

كما أنّ للطفل نمواً طبيعيا إلاّ أنّه يتأثّر بقوة شديدة في اكتساب السلوك بتصرّفات من حوله ، فيكتسب منهم أشياء كثيرة بالملاحظة ، بل إنّ الطفّل يتأثر بالملاحظة والمشاهدة أكثر من تأثرّه بالتوجيه اللفظي المباشر ، وهذه حقيقة يغفل عن مراعاتها كثير من الآباء والمربّين فتجده يتصرف أمام طفله تصرفات غير لائقة ، وينسى أنّ الطفل قد يحاكيه في يوم ما ، بل إذا قام هذا الطّفل وأصدر السلوك نفسه  أمام الآخرين فإنّ الأب أو الأم قد ينهرانه وينسون أنّ السلوك ذاته قد صدر منهما أمام هذا الطفل الذي لا يميّز أنّ هذا السلوك من أحد والديه يُعتبر سلوكاً صحيحاً ، أمّا من الآخرين فيُعتبر سلوكاً خاطئاً ، والحقيقة أنّه يستقبل أي سلوك يراه و يعتبره مناسباً ، وأنه يستطيع أن يمارسه في أيّ مكان وأمام أي إنسان.

يقول د.نبيه الغبرة : (يبدأ التّقليد عند الطّفل اعتباراً من الشهر الخامس أو السادس ، عندما يقلد شخصاً كبيراً يلاعبه بمدّ اللسان أو إجراء حركات المضغ أو إحداث بعض الأصوات....) ، ويقول : (يولع الطفل بتقليد أمّه في أعمالها المنزلية في سنته الثالثة...).

وعلى هذا فإنّ التقليد لدى الطّفل وملاحظة الآخرين ومحاولة تقليدهم في تصرفاتهم تنشأ في مرحلة مبكرة من عمره.

والطفل لا يكتسب ويلاحظ ممن حوله السّلوكيات فقط بل حتى المشاعر والانفعالات وردود الأفعال ، فهو يلاحظ سرعة انفعال أمه وعصبيّتها مثلاً ، ويكتسب ذلك تدريجياً ، وكذلك قد يكتسب الخوف أو الجرأة والشجاعة من أفراد عائلته بالملاحظة لسلوكهم وانفعالاتهم.

 
وهو كذلك لا يتأثّر بمن حوله بمجرد التقليد للسّلوكيات والانفعالات وإنما يتأثّر أيضاً بالوضع النفسي والعائلي السائد بين أفراد الأسرة فيتأثّر إذا ظهرت خلافات متكررة بين الوالدين ، أو إذا كان الوضع السائد في المنزل كثرةُ الصراخ والتهديد والتخويف ، و وجود مثل هذه العوامل في البيئة المحيطة بالطفل (المنزل أو المدرسة) تؤثّر بصورة سلبية على نفسيّته واستقراره الداخلي.

ولذا ينبغي على الوالدين خصوصاً والمربين عموماً الانتباه لما يلي:

1-  أنْ يضبط المربّي سلوكه قدر المستطاع أمام الطفل وأنْ يجاهد نفسه ألاّ يصدر منه إلاّ ما هو مناسب ومقبول أخلاقياً واجتماعياً ، فلا يتصرّف المربّي بسلوك أو يصدر كلمةً أو حركةً أمام الطفل وهو يكره أنْ تصدر من هذا الطفل أمام الآخرين.

 
2-   أنْ يوفر المربّون للأطفال بيئة هادئة مليئة بالسّكينة والطمأنينة حتى ينشأوا بنفسيّة هادئة ومستقرّة.
 
أنْ يخفِّف الوالدان – وكذلك المربّون – من توتّرهم وانفعالهم وشدّة غضبهم وعصبيّتهم أمام الطّفل حتى لا يكتسب منهم هذه الانفعالات غير المناسبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق